https://bahaj.ahlamontada.com
الحركة الإسلامية ونظام صالح .. من التحالف إلى التنافس 198354345
https://bahaj.ahlamontada.com
الحركة الإسلامية ونظام صالح .. من التحالف إلى التنافس 198354345
https://bahaj.ahlamontada.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحركة الإسلامية ونظام صالح .. من التحالف إلى التنافس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الزعيم
مراقب
مراقب
الزعيم


ذكر عدد الرسائل : 255
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 04/11/2007

الحركة الإسلامية ونظام صالح .. من التحالف إلى التنافس Empty
مُساهمةموضوع: الحركة الإسلامية ونظام صالح .. من التحالف إلى التنافس   الحركة الإسلامية ونظام صالح .. من التحالف إلى التنافس Icon_minitimeالسبت 10 أكتوبر - 7:54


القول بأن هذا الكتاب من أهم الكتب التي صدرت (يمنياً) في العقد الأخير – إن لم يكن الأهم- ليس من المبالغة، فهو الكتاب الأول الذي يتناول بشمولية وتفصيل التيار الأوسع والأبرز في اليمن، والمتمثل بالحركة الإسلامية اليمنية، حركة الإخوان المسلمين إن شئت الدقة.

هذا الكتاب الذي صدر الأسابيع الماضية، يعد في الأصل أطروحة علمية حصل بموجبها الباحث ناصر الطويل على درجة الماجستير، وقد تتبع في فصوله الأربعة مسار حركة الإخوان المسلمين في اليمن، وسلط الضوء على هذه الحركة منذ نشأتها مروراً بمراحلها المختلفة، وعلى بنائها السياسي والفكري، وقياداتها السياسية والفكرية المتعاقبة منذ التأسيس.

وتناول تأثير العوامل والمتغيرات الداخلية والخارجية على العلاقة بين حركة الإخوان المسلمين (سابقاً) الإصلاح (حالياً)، والنظام السياسي في اليمن، في إطار زمني محدَّد هو عهد الرئيس علي عبد الله صالح. كما تناول استراتيجيات النظام تجاه الحركة الإسلامية، واستراتيجيات الحركة تجاه الدولة والمجتمع. عدا ذلك، ناقش الكتاب العديد من القضايا التي رآها مرتبطة بشكل أو بآخر بموضوعه الرئيسي حول الحركة الإسلامية؛ منها التطورات السياسية في اليمن، والبنية الاجتماعية للمجتمع اليمني، والمتغيرات الإقليمية والدولية، والتعددية الحزبية والتنافس الانتخابي، وتأثيرات المحيط الإقليمي والعربي والدولي على الأوضاع الداخلية في اليمن، والسياسة الخارجية الأمريكية، والحرب الدولية على الإرهاب.
واختتم المؤلف ناصر الطويل كتابه بالحديث عن قضيتي الشيخين محمد المؤيد وعبد المجيد الزنداني.


المصدر أون لاين ـ وباتفاق مع الكاتب الأستاذ ناصر الطويل ـ يبدأ بنشر الكتاب على حلقات أسبوعية (كل جمعة)، وفي الحلقة الأولى ننشر نبذة الكاتب عن هذا الكتاب، ومقدمة الكتاب ومحتوياته.
وإذ نشكر المؤلف الذي خص "المصدر أون لاين" بنشر هذا الكتاب القيم، خدمة للقارئ, فإن من المهم الإشارة هنا إلى أننا لن ننشر الهوامش والمراجع التي اعتمد عليها الكاتب في بعض المعلومات لصعوبة تنسيقها كما هو الحال في الكتاب، حيث يمكن إحالة القارئي لمرجع المعلومة االمذكورة في نفس الصفحة من الكتاب، وهو ما يتعذر علينا فعله هنا. وقد ننشرها في نهاية الحلقات احتراماً وحفاظاً على الحق الفكري، أو يمكن الإشارة لها في مقدمة كل حلقة.

هـــــــذا الكتاب
هذا الكتاب يعد في الأصل أطروحة علمية, حصل بموجبها الباحث على درجة الماجستير( كان عنوان الأطروحة, "العلاقة بين النظام السياسي والإخوان المسلمين في اليمن: دراسة في المحددات الداخلية والخارجية", وقد حصل الباحث بموجبها على درجة الماجستير من جامعة أسيوط بجمهورية مصر العربية بتاريخ, 30/3/2008م ), وقد عكف بعد ذلك على تنقيحها وتجويدها, وتطويرها بحيث تصير مرجعا علميا مفيدا قدر الإمكان.

وقد كان الباحث طموحا في أن تأخذ هذه الدراسة الطابع الأمبريقي, بمعنى أن تعتمد على المعلومات والبيانات التي يتم استقاؤها من الميدان, من خلال إجراء مقابلات علمية معمقة مع عدد كبير ممن ساهموا -بشكل أو بآخر- في إدارة العلاقة بين الحركة الإسلامية والنظام السياسي في اليمن في مرحلتي التشطير والوحدة.

غير أن ثمة عراقيل اعترضت الباحث, في مقدمتها عدم تمكنه من مقابلة عدد من أفراد عينة الدراسة, نظراً لانشغال بعضهم في أعمال سياسية وإدارية يومية, أو لعدم تجاوب بعضهم الأخر, فلا يزال هناك قطاع كبير من أفراد النخبة السياسية اليمنية -والعربية عموما- ينظر إلى البحث العلمي على انه ترف, لا يستحق تقديمه على المشاغل الإدارية اليومية, ومع هذا فقد تم إجراء عدد لا بأس به من المقابلات البحثية, فقد تمكن الباحث من مقابلة (أربعين) شخصاً من القيادات التاريخية والحالية للحركة الإسلامية اليمنية, وعدد من قيادات الدولة, وبعض الأفراد من النخبة العلمية والسياسية اليمنية المهتمين بموضوع الدراسة.

والباحث هنا ينتهز الفرصة لتقديم كل معاني الشكر والامتنان لكل مَن تمكن من مقابلتهم, فقد كانوا أسخياء في تزويده بالمعلومات والإرشادات السديدة, والملاحظات القيّمة, برغم المشاغل اليومية لبعضهم, والظروف الصحية للبعض الآخر, ويتعاظم الشكر لأولئك الذين امتدت المقابلات البحثية معهم إلى مقابلتين, أو ثلاث, وأكثر.

وبرغم الجهد والوقت اللذين بذلا في هذه الدراسة, إلا أنه يجب التسيلم بأن ما نشر فيها لا يُمثل كل التفاصيل عن العلاقة بين الحركة الإسلامية اليمنية والنظام السياسي, فما تضمنته إنما هو في حدود ما يسمح به الوضع الحالي, ويعود ذلك إلى جملة من الأسباب, منها:

1ـ استمرار المشروع الذي تحمله الحركة الإسلامية الاخوانية وعدم انتهائه أو التراجع عنه, فكتابة تاريخ الأحداث والجماعات يأتي –غالبا- عقب نهايتها أو تجاوزها أو انتقالها إلى مرحلة جديدة, كما حدث - مثلا- في التنظيمات الشيوعية, بينما لا يزال الإخوان يقدمون مشروعهم باعتباره القادر على الاستمرار, وما زالت قيادة الجماعة تؤكد الانتماء لهذا المشروع بكل تفصيلاته التي وضعها مؤسسه الأول "حسن البنا", ولا تنظر إليه كمرحلة تاريخية انتهت, بل تراه رحلة ممتدة لم تنقطع.

2ـ زهد قيادة الحركة الإسلامية في كشف كثير من المعلومات, لأسباب تتعلق إما بالخوف من الرياء وإحباط الأعمال، أو عجزها في بعض الأحيان بسبب عدم اهتمامها بالتوثيق وحفظ المعلومات، أو انشغالها -كما هو الحال لدى معظم سائر أفراد الحركة الإسلامية الإخوانية- بأعمال حركية يومية، وفي أحيان كثيرة لاعتبارات أمنية وسياسية.

3ـ وبالمثل, فإن النظام السياسي الذي أسس العلاقة الإستراتيجية مع الحركة الإسلامية في شمال اليمن, لا زال كما هو بشخوصه، وقياداته وسياساته، ولا يرغب في كشف كثير من علاقته مع الحركة الإسلامية, لأن ذلك قد يسبب له حرجا مع بعض الأشخاص والقوى السياسية الحالية، خاصة بعد تبدل وتغير خريطة التحالفات, وتحول بعض الخصوم لكل من الحركة والنظام إلى أصدقاء, والعكس, وبسبب الثقافة السياسية لقياداته العسكرية والأمنية, أو لاعتبارات تتعلق بالمناخ الدولي السائد الآن.

وبرغم أن الباحث أمضى وقتا لا بأس به في إجراء الدراسة وتنقيحها, وتصويب المعلومات التي تضمنتها, إلا أن الطبيعة الحساسة لموضوعها, وارتباطها بالعلاقة بين قوتين سياسيتين قائمتين تتجهان نحو التنافس, الأمر الذي قد يخلق انطباعات وتقييمات متفاوتة لدى بعض القراء, ولهذا فان الباحث على استعداد للإصغاء والاهتمام الكامل بأي ملاحظات حول أي بُعد من أبعاد الدراسة, ويسعدني استقبالها بشكل مباشر أو عبر البريد الالكتروني التالي: (nasseraltawill@yahoo.com) على أن يتم تصويب ذلك في الطبعة القادمة إنشاء الله تعالى.

وأخيراً لا يفوتني هنا أن أشكر كل مَن ساهم بجهد فكري أو عملي, قل أو كثر في مساعدة الباحث على إتمام الدراسة وإخراجها في شكل كتاب يمكن الاستفادة منه.
واللهَ أسأل حُسن العمل وحُسن القبول, وهو مولانا ونعم الوكيل،،،،،
الباحث

مقدمة الكتاب
تمثل العلاقة بين الحركات الإسلامية والنظم الرسمية-مثلها مثل غيرها من العلاقات السياسية-حصيلة لتفاعل معقد لعدد من العوامل المحلية والإقليمية والدولية، وهو ما أدى إلى تنوع طبيعة تلك العلاقة واختلافها, ليس من دولة إلى أخرى فحسب، بل ومن فترة زمنية إلى أخرى, في الدولة نفسها, بحسب التحولات التي تطرأ على العوامل والمحددات التي تؤثر فيها.

فالعلاقة بين الطرفين تتأثر بطبيعة المرجعية الفكرية والعقدية للحركة الإسلامية؛ ورؤيتها لمدى المشروعية الدينية والقانونية للنظام السياسي الحاكم, وتصورها لطبيعة دورها في الحياة العامة, وإستراتيجيتها في التعامل مع المؤسسات الرسمية والمجتمعية, وفي المقدمة منها السلطة الحاكمة.

والأمر نفسه فيما يتعلق بالتركيبة الهيكلية, والعقيدة السياسية للنظام السياسي, حيث أن كلاً من: أهدافه, وشبكة تحالفاته الداخلية والخارجية, وحجم ما يواجهه من تحديات, وخبرته في الحياة السياسية, عوامل مؤثرة في نوعية العلاقة التي تسود بينه وبين الحركة الإسلامية.

وتسهم البُنى الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية المرتبطة بالبيئة الداخلية بأشكال وصور مختلفة من التأثير في طبيعة ومسار العلاقة بين الإسلاميين والنظم السياسية الحاكمة, حيث تؤثر على ميزان القوة بين مختلف القوى السياسية بما يؤثر على العلاقة فيما بينها.

وإلى جانب كل ذلك, فإن التفاعل المتبادل بين النظم الرسمية والحركات الإسلامية حساس لطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية, نظراً لحضور البُعد الخارجي في التأثير على السياسات والعلاقات بين القوى الداخلية في معظم الدول العربية والإسلامية, وهو الأمر الذي تضاعف بعد التغيرات البنيوية في النظام الدولي خلال العقد الأخير من القرن الماضي, وتداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

وقد عَرفت الحياة السياسية في اليمن خلال العقود الأربعة الأخيرة, أنماطاً مختلفةً من العلاقة بين النظم السياسية الحاكمة والحركة الإسلامية الإخوانية, سواء أثناء فترة التشطير التي امتدت حتى نهاية عقد الثمانينيات من القرن الماضي, أو بعد الوحدة.

فقد أفرزت التطورات السياسية في الشطرين كليهما تجربتين متباينتين فيما يخص علاقة السلطتين الحاكمتين في كل منهما مع حركة الإخوان المسلمين، إذ كانت تلك الحركة جزءاً أصيلاً في البنية السياسية والاجتماعية للمجتمع اليمني في الجمهورية العربية اليمنية (سابقا), وقوة سياسية فاعلة في منظومتها السياسية منذ قيام الجمهورية، وبشكلٍ أوضح في عهد الرئيس علي عبد الله صالح, حيث جمعها معه تحالف استمر طوال عقد الثمانينات.

وعلى خلاف الوضع في شمال اليمن، تشدد النظام السياسي في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (سابقا) في إقصاء الحركة الإسلامية, وحرمانها من المشاركة في الحياة السياسية في ذلك الشطر.

وقد مثلت العلاقة بين الحركة الإسلامية الإخوانية والنظام السياسي للدولة اليمنية الموحدة ـ الجمهورية اليمنية ـ نمطاً ثالثًا، وهو وإن كان نمطاً يحمل بعض سمات تجربة الشطر الشمالي قبل الوحدة، إلا أنه يتميز عنهما في أن العلاقة بينهما قامت هذه المرة على أسس مختلفة: التعددية الحزبية والسياسية, وحرية الصحافة, ودورية الانتخابات العامة، وإطار سياسي واجتماعي وجغرافي ودولي مختلف, كما أن تحديات النظام السياسي وتوجهاته, وحتى بنيته السياسية والفكرية, لم تعد كما كانت في المرحلة السابقة، ومثل النظام فإن الحركة الإخوانية تحولت هي الأخرى من جماعة سرية إلى حزب سياسي علني, بما ترتب على ذلك من تعديلات واسعة في رؤاها الفكرية, وأُطرها التنظيمية, ونشاطها العام.

هذه الدراسة تسعى لتتبع تأثير العوامل والمتغيرات الداخلية والخارجية على العلاقة بين حركة الإخوان المسلمين (سابقا) التجمع اليمني للإصلاح (حاليا), والنظام السياسي في اليمن, في إطار زمني محدد.

وعلى ذلك فهي تقتصر على تحديد وتحليل دور المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية في ضبط وصياغة العلاقة بين حركة الإخوان المسلمين والنظام السياسي في مرحلة ما قبل الوحدة (مرحلة التشطير) وما بعدها, ومن الناحية الزمنية تمتد الدراسة من عام 1978م وحتى عام 2006م، وتم اختيار عام 1978م كبداية للإطار الزمني للدراسة لأنه العام الذي وصل فيه الرئيس علي عبد الله صالح إلى سدة الحكم، وفي العام نفسه قررت حركة الإخوان المسلمين مقابلة العمل المسلح الذي تقوم به التنظيمات اليسارية ضد سلطات الدولة بمثله, للحيلولة دون سقوط البلاد بأيدي تلك التنظيمات، ومعه بدأت علاقة الحركة بنظام الرئيس, وهو العام نفسه الذي اتحدت فيه فصائل اليسار لتشكل الحزب الاشتراكي اليمني في جنوب اليمن, كحزب طليعي يقود الدولة والمجتمع على غرار الأحزاب الأخرى في الدول الاشتراكية, واختير عام 2006م ليكون حدًا أعلى لزمن الدراسة، وذلك حتى يمكن استيعاب التفاعل بين الحركة الإسلامية والنظام السياسي أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة, وهي محطة هامة في العلاقة بين الطرفين، خاصة وأنه ليس من مهمة الدراسة رصد تفاصيل العلاقة، بقدر ما أنها تهدف إلى رسم إطار عام عن مسار تلك العلاقة, وتأثير المتغيرات الداخلية والخارجية على التحولات التي طرأت عليها، واتساع فترة الدراسة يسمح بذلك، فكلما كان الإطار الزمني العام واسعاً, أمكن رسم صورة مجملة لتأثير المتغيرات محل الدراسة والعكس صحيح.
ملحوظة ( وقع الباحث في مأزق التسمية بالنسبة للحركة الإسلامية اليمنية, فالحركة لم تعلن عن المسمى الرسمي لها, بل وأنكر بعض قياداتها وجودها أصلاً, ويعود تحفظ كثير من قيادة الحركة على الاستخدام العلني لمسمى "الإخوان المسلمين" لأن الشعب اليمني شعب مسلم, ولا يريدوا ان يظهروا وكأنهم ينفردون بهذا الاسم دون بقية افراد الشعب, وقد اعتمد الباحث مسمى الإخوان المسلمين كما ورد في البيان الذي وقع عليه الأستاذ/ عبد الوهاب الآنسي مع أمناء عدد من الأحزاب السياسية عام 1990م, عندما لم يكن التجمع اليمني للإصلاح قد أُعلن عن تشكيله بعد, حيث وقع على البيان تحت مسمى "الإخوان المسلمين", وهي المرة الوحيدة تقريبا التي تم التوقيع في وثيقة رسمية بهذا المسمى.)

تقسيم الدراسة:
تم تقسيم الدراسة إلى فصول أربعة, يمهد الفصل الأول لبقية الفصول, من خلال عرضه لنشأة وتطور وسمات كل من النظام السياسي وحركة الإخوان المسلمين في اليمن، فيما يتناول الفصل الثاني: محددات العلاقة بينهما أثناء مرحلة التشطير، ويتناول الفصل الثالث: العوامل الداخلية المؤثرة في العلاقة بين الطرفين في المرحلة التي تلت قيام الوحدة، أما الفصل الرابع فيرصد تأثير العوامل الخارجية على العلاقة بينهما بعد قيام دولة الوحدة أيضا.


وعلى ذلك فسيكون تقسيم الدراسة على النحو التالي:
الفصل الأول: البناء السياسي والفكري للنظام السياسي والحركة الإسلامية.
المبحث الأول: الملامح العامة للتطورات السياسية والاجتماعية في شطري اليمن (1962 ـ 1978م).
المبحث الثاني: النظام السياسي: البناء والتطور.
المبحث الثالث: نشوء وتطور حركة الإخوان المسلمين في اليمن.


الفصل الثاني: محددات العلاقة بين النظام السياسي والإخوان المسلمين قبل الوحدة.
المبحث الأول: الواقع التشطيري والبنية السياسية والفكرية للنظامين الحاكمين.
المبحث الثاني: البنية الاجتماعية للمجتمع اليمني.
المبحث الثالث: القيادة السياسية والإطار الفكري للحركة الإسلامية.
المبحث الرابع: المتغيرات الإقليمية والدولية.


الفصل الثالث: طبيعة العوامل الداخلية المؤثرة في العلاقة بين النظام السياسي والحركة الإسلامية بعد الوحدة.
المبحث الأول: التعددية الحزبية والتنافس الانتخابي.
المبحث الثاني: استراتيجية النظام تجاه الحركة الإسلامية.
المبحث الثالث: استراتيجيات الحركة الإسلامية وسياستها تجاه الدولة والمجتمع.
المبحث الرابع: التباين حول بعض القضايا والسياسات الحكومية.


الفصل الرابع: تأثير المحددات الخارجية على العلاقة بين النظام السياسي والحركة الإسلامية بعد الوحدة.
المبحث الأول: تأثير المحيط الإقليمي العربي على العلاقة بين النظام والحركة الإسلامية.
المبحث الثاني: بنية وتوجهات النظام الدولي الجديد.
المبحث الثالث: السياسة الأمريكية تجاه اليمن والحرب الدولية على الإرهاب.
المبحث الرابع: قضيتا الشيخين المؤيد و الزنداني.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الزعيم
مراقب
مراقب
الزعيم


ذكر عدد الرسائل : 255
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 04/11/2007

الحركة الإسلامية ونظام صالح .. من التحالف إلى التنافس Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحركة الإسلامية ونظام صالح .. من التحالف إلى التنافس   الحركة الإسلامية ونظام صالح .. من التحالف إلى التنافس Icon_minitimeالسبت 10 أكتوبر - 8:00

أولا : التطورات السياسية والاجتماعية في الجمهورية العربية اليمنية (سابقا):في اليمن







كنا الأسبوع الماضي قد نشرنا الحلقة الأولى من كتاب الإخوان المسلمين، والتي تضمنت نبذة عن الكتاب بقلم المؤلف، ومقدمة الكتاب، ومحتوياته.
وفي الحلقة الثانية نبدأ بنشر الفصل الأول من الكتاب. ونكرر هنا الإشارة إلى أننا لن ننشر الهوامش والمراجع التي اعتمد عليها الكاتب في بعض المعلومات لصعوبة تنسيقها كما هو الحال في الكتاب، حيث يمكن إحالة القارئي لمرجع المعلومة االمذكورة في نفس الصفحة من الكتاب، وهو ما يتعذر علينا فعله هنا. وقد ننشرها في نهاية الحلقات احتراماً وحفاظاً على الحق الفكري، أو يمكن الإشارة لها في مقدمة كل حلقة.
إلى الحلقة الثانية التي تتضمن مقدمة الفصل الأول، ومقدمة المبحث الأول من هذا الفصل، والذي يتناول فيه المؤلف الأستاذ ناصر الطويل، الملامح العامة للتطورات السياسية في شطري اليمن (1962 ــ 1978م).


الفصل الأول
البناء الفكري والسياسي للنظام السياسي والحركة الإسلامية في اليمن

سنتناول في هذا الفصل عرضاً تحليلياً لنشأة وتطور كل من نظام الرئيس علي عبد الله صالح الذي تأسس مع وصوله إلى السلطة في الشمال في عام 1978م, وطبيعة التطورات التي لحقت به في البعدين الهيكلي والفكري في مرحلة الثمانينيات وبعد قيام الوحدة, وأبرز الخصائص العامة لهذا النظام, وطبيعة التحديات التي تواجهه, ونفس الأمر- وإن بشكل أقل- سنتتبع أبرز التطورات التي لحقت بنظام الحزب الاشتراكي في جنوب اليمن, وانعكاسات كل ذلك على علاقة نظامي دولتي اليمن في مرحلة التشطير ونظام اليمن الموحد بالحركة الإسلامية الإخوانية.
وفي السياق ذاته, سنتتبع مراحل نشوء وتطور حركة الإخوان المسلمين في شطري اليمن وأهم التطورات التنظيمية والفكرية والحركية التي لحقت بها, وطبيعة التحولات والتحديات التي واجهتها في مرحلتي ما قبل الوحدة وما بعدها.
غير أننا قبل ذلك سنقدم عرضا موجزا لأهم التطورات السياسية في شطري اليمن منذ قيام الثورة وإعلان الجمهورية في شمال اليمن في 26 سبتمبر 1962م, وخروج الاستعمار البريطاني من جنوبه في نوفمبر 1967م وحتى عام 1978م, وهو العام الذي تنطلق منه الدراسة, وذلك لأن الأحداث التي شهدتها اليمن في مرحلة الثمانينيات وما بعدها تعد امتداداً للتطورات السياسية والاجتماعية للمراحل الزمنية التي سبقت ذلك.

وعلى ذلك فإن هذا الفصل يتكون من ثلاثة مباحث, هي:
المبحث الأول: الملامح العامة للتطورات السياسية في شطري اليمن (1962-1978م).
المبحث الثاني: النظام السياسي: البناء والتطور.
المبحث الثالث: نشوء وتطور حركة الإخوان المسلمين في اليمن.



المبحث الأول: الملامح العامة للتطورات السياسية في شطري اليمن (1962 ــ 1978م)

مقدمة:
شهد شطرا اليمن بعد قيام النظام الجمهوري في الشطر الشمالي, وجلاء الاستعمار البريطاني من الشطر الجنوبي تطورات سياسية واجتماعية متسارعة, فقد تحول شمال البلاد إلى ساحة لحرب أهلية وإقليمية لفترة سبع سنوات متواصلة, صاحبها وترتب عليها تجاذب بين القوى السياسية والاجتماعية حول هوية النظام السياسي وعقيدته السياسية وتوجهاته الداخلية والخارجية، وعلى خلاف ذلك فَرض الإتجاه اليساري الماركسي هويته على النظام الجديد في الجنوب, فقد استحوذت الجبهة القومية على السلطة بعد خروج المستعمر, وتعرضت لتحولات فكرية جذرية حلت فيها الأفكار اليسارية الماركسية محل الأفكار القومية, وأنشئت الدولة الماركسية الوحيدة في الوطن العربي, وهنا سنعرض أبرز التطورات السياسية فيما كان يعرف باليمن الشمالية واليمن الجنوبية.
أولا : التطورات السياسية والاجتماعية في الجمهورية العربية اليمنية (سابقا):
شهدت الجمهورية العربية اليمنية بعد قيام ثورة سبتمبر عام 1962م وحتى عام 1978م تحولات سياسية واجتماعية غير مسبوقة, مقارنةً بحالة الجمود والعزلة التي كانت أبرز معالم حكم الأئمة, فقد تعرض النظام الجمهوري لمخاطر وتحديات عسكرية وسياسية كادت أن تعصف به أثناء الحرب الأهلية, وبداخله حدث تباين واستقطاب لأسباب تتعلق بهويته الفكرية وتوجهاته السياسية وعلاقاته الخارجية, وظل يعاني من غياب الاستقرار طوال تلك الفترة.

(أ) التجاذب حول الهوية السياسية والفكرية للنظام الجمهوري:
انسحب المناخ الفكري والسياسي الذي كان سائداً في المنطقة العربية في عقد الستينيات إلى شمال اليمن, وهو مناخ اتسم بالصراع بين ما كان يعرف بالأفكار والنظم التقدمية( القومية واليسارية), والأفكار والنظم المحافظة, وانزلق بعض أنصار النظام الجمهوري إلى بعض الممارسات التي صورت الثورة وكأنها ضد كل ما هو متصل بالماضي, بما في ذلك الثوابت الدينية والأعراف القبلية, وسعوا إلى إظهار الثورة بالمظهر القومي المتطرف, "وكان من الطبيعي أن يكون لهذا التطرف اليساري، الذي علا صوته في صنعاء بعد الثورة، آثاراً سيئةً, فقد تمكن الملكيون من كسب ولاء قبائل عديدة معروفة بالبأس والشدة, وأثاروا مخاوفهم حول الخطاب الرسمي والحزبي الذي كان يصف القبلية بالرجعية والتخلف, ويطالب بالقضاء عليها .. كما استفادوا من التطرف اليساري في تصوير الثـورة بأنها ضد الإسلام .
وانحازت قيادة النظام الجمهوري إلى ما كان يعرف في وقتها بالمعسكر الثوري التقدمي, واستفزت ببعض مواقفها وتصرفاتها المملكة العربية السعودية, واتجه الرئيس السلال إلى الإمساك بخيوط السلطة- والتي لم تكن بيده عمليا- والإنفراد بالقرار, ومدت القوى السياسية اليسارية والقومية نفوذها على معظم أجهزة الدولة الناشئة, وكل ذلك في سياق حرب أهلية متواصلة بين المعسكرين, الجمهوري الذي تدعمه القوات المصرية, والملكي الذي تقف خلفه المملكة العربية السعودية.
أخذ الصف الجمهوري يتمايز إلى تيارين, الأول يمثل القوى الراديكالية, ويقوده الرئيس السلال وبعض الضباط, والقوى السياسية المنظمة, وتحديداً حركة القوميين العرب, ويتكتل في التيار الثاني القيادات التاريخية للنضال اليمني من حزب الأحرار, وفي مقدمتهم القاضي محمد محمود الزبيري, وأحمد محمد نعمان, وعبد الرحمن الإرياني, وعدد من مشائخ اليمن, وحزب البعث وأعضاء تنظيم الإخوان المسلمين.
تباينت رؤية الطرفين حول كيفية مواجهة الحرب، فقد كان جناح السلال يدعو إلى الاستمرار في القتال والحرب حتى النهاية, فيما كان جناح الزبيري والنعمان والإرياني يرى أن الحرب ليست ضرورة قدرية, وحول أسلوب إدارة الدولة، وضرورة تصحيح مسار الثورة وجعلها شوروية وجماعية , وعلى الرغم من أن الأستاذ محمد محمود الزبيري لم يكن يتولى منصباً رئيسياً في النظام الجمهوري الجديد إلا أن شخصيته ودوره التاريخي النضالي ومكانته في قلوب اليمنيين، بما فيهم المتحمسون للملكية، كانت تجعله قطب الرحى في صنعاء، وتلقى توجيهاته وآراؤه تجاوباً حماسياً من الجميع.
اتسعت الهوة بين جناحي التطرف والاعتدال داخل الصف الجمهوري, وكان أحد أسباب الخلاف الرئيسة يدور حول الهوية السياسية والفكرية للنظام الجمهوري وطريقة إدارته, فالزبيري والتيار الذي يقوده, وهو التيار الغالب, كانا يسعان إلى "إعادة الوجه الصحيح للثورة اليمنية من خلال التأكيد على الهوية الإسلامية لها، واحترام دور القبائل اليمنية في الدفاع عن الثورة، وضرورة تقوية هذا الدور من خلال مخاطبة اليمنيين باللغة الإسلامية التي يفهمونها و يحترمونها" , في حين أن التيار الآخر كان يريد نظاماً سياسياً على غرار ما هو موجود في النظم العربية التقدمية في ذلك الوقت, وبخاصة في مصر.
اتكأ جناح السلال على القوات والأجهزة العربية المصرية, والتي كانت صاحبة القرار الحقيقي, وفي مقابل ذلك لجأ الزبيري ورفاقه إلى الضغط من خلال المؤتمرات الشعبية, فقد تم جمع الزعامات القبلية والدينية والسياسية في اليمن في مؤتمر عمران عام 1964م, وعندما لم تنفذ قراراته, خرج الزبيري من صنعاء, وطلب من أعضاء الحكومة تقديم استقالاتهم, واتجه صوب القبائل لكسب تأييدها, وفي منطقة برط, أعلن عن تأسيس حزب الله, ودعا الزعامات اليمنية من الصفين الجمهوري والملكي إلى مؤتمر شعبي جديد, تُطرح فيه مطالب اليمنيين.
اغتيل القاضي الزبيري في 31/3/1965م, وانعقد مؤتمر خَمِر في نفس العام, وفيه تم وضع الدستور الدائم, والذي أكد على الهوية الإسلامية الكاملة للشعب اليمني, وأعاد بناء النظام السياسي على النحو الذي يمنع الاستفراد بالحكم.
تعززت مكانة التيار الإصلاحي بعد خروج القوات العربية المصرية والإطاحة بالرئيس السلال, حيث تولى القاضي عبد الرحمن الإرياني رئاسة السلطة, وجرى تثبيت رؤية هذا التيار حول عقيدة النظام السياسي وتوجهاته الداخلية والخارجية في الدستور الدائم, الذي تم إقراره في 28/12/1970م, والمؤسسات السياسية التي تم تشكيلها, ومع هذا فقد تحول النزاع حول الهوية السياسية والفكرية للنظام إلى صراع مسلح بين السلطة السياسية والتنظيمات اليسارية, في شكل أعمال عنف تركزت في بعض المناطق وسط وجنوب اليمن الشمالية, فيما عرف بحرب المناطق الوسطى, ومثّل استمرار الحرب في بعض جوانبها صورة من صور التنازع حول هوية النظام السياسي الجمهوري, والذي لم يُحسم إلا بعد ضرب القدرات العسكرية للتنظيم اليساري في أوائل الثمانينيات, وهيمنة ما عرف بالأيديولوجية "الإسلامية الوطنية" كعقيدة سياسية وفكرية للنظام الذي يقوده الرئيس علي عبد الله صالح في مواجهة الأيديولوجية الاشتراكية لنظام الحزب الاشتراكي في الجنوب.
(ب) ـــ نشوء وتطور القوى والتيارات السياسية :
انتقلت التيارات السياسية اليسارية والقومية إلى اليمن في العقدين الخامس والسادس من القرن العشرين, فقد ظهرت في تعز عام 1958م الحلقة الأولى للاتجاه الماركسي الذي كان قد تأسس في عدن على يد عبدالله عبد الرزاق باذيب عام 1953م, وتلك الحلقة التي شكلت في الفترة اللاحقة حزب الاتحاد الشعبي الديمقراطي في اليمن الجنوبي, وفي عام 1959م تكوّن في كل من شطري اليمن الشمالي والجنوبي فرعان لحركة القوميين العرب, التي كان مركزها الرئيسي في بيروت, فيما تم تأسيس فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في عدن عام 1956م, وفي الشمال عام 1958م .
كان لأعضاء حزب البعث دور في التخطيط لثورة 26 سبتمبر, غير أنهم تعرضوا للاضطهاد في عهد الرئيس السلال من قبل أجهزة الأمن المصرية, على خلفية الصراع الذي كان محتدماً آنذاك بين البعثيين ونظام الرئيس جمال عبد الناصر, ولهذا ظل البعث قريباً من رموز التيار الإصلاحي بقيادة الأستاذ محمد محمود الزبيري , وساهم حزب البعث في الانقلاب الأبيض الذي أوصل القاضي عبد الرحمن الإرياني إلى السلطة, ونشط في عهده, وكان البعثيون مقربين من الإرياني, الذي أسند رئاسة الحكومة أكثر من مرة للأستاذ محسن العيني المعروف بانتمائه للبعث, وكانوا يمثلون قوة كبيرة, ولم يحد من هيمنتهم على السلطة إلا النفوذ الكبير لمشائخ القبائل ومنافسة الإخوان المسلمين, إلى جانب الضغوط التي كانت تمارسها الرياض.
أما الرئيس إبراهيم الحمدي فقد رأى أن تثبيت نظامه يتطلب تحجيم قوة حزب البعث, خاصة وأن عدداً من قياداته تجمع بين الانتماء السياسي للحزب والنفوذ العسكري والقبلي, فعمل على التخلص من تلك القيادات, تحت لافتة القضاء على مراكز النفوذ, وهكذا تم إقصاء الأستاذ محسن العيني من رئاسة الحكومة, وإزاحة أسرة آل "أبو لحوم" من مجلس قيادة الثورة, وقيادة بعض وحدات الجيش.
أما حركة القوميين العرب فقد "بات متفقاً على أن الخلية الأولى لها, قد تشكلت في منطقة الشيخ عثمان بعدن عام1959م, ثم نشأت بعد قليل خلية مماثلة في شمال اليمن" , وقد تمكنت خليتها الأولى من السيطرة -إبان حكم الإمامة- على نقابة العمال الوحيدة في شمال اليمن, وبفضل هذه السيطرة تمكنت من تشكيل لجنة شعبية استولت على مدينة تعز عشية إعلان الجمهورية.
وفي إطار تخطيطها المبكر للاستيلاء على السلطة, زجت حركة القوميين العرب بكوادرها في كلية صنعاء العسكرية, وأخذت تبني خلاياها في الجيش من خلال انخراطها مع الآلاف, لاسيما من جنوب اليمن في الحرس الوطني, وكان لها نفوذ واسع في أجهزة الإعلام والمدارس والجهاز الإداري للدولة , وقد وقف أعضاؤها والناصريون في الصف المؤيد للسلال, وكانوا من أنشط المتعاونين مع الخبراء والمستشارين المصريين, وعلى هذا الأساس أتيحت لهم, وللمنظمات الاجتماعية الخاضعة لنفوذهم (النقابات, اتحاد الطلاب, وبعض النوادي الرياضية) الإمكانية لممارسة النشاط السياسي العلني .
استفاد القوميون العرب في اليمن من الدعم الذي قدمته القوات والأجهزة المصرية, لاسيما في السنوات الأولى التي تلت قيام الثورة, غير أن تلك العلاقة لم تستمر إذ تعرضت للتدهور لأسباب عديدة منها: استياء القوميين العرب من التعامل البيروقراطي للأجهزة المصرية, وخوفهم من خروج القوات المصرية إذا ما توصلت القاهرة والرياض إلى اتفاق بشأن إنهاء الحرب الأهلية في اليمن, والتحولات اليسارية التي كانت تعتمل داخل الحركة الأم, والتحول الذي طرأ على علاقتها بالرئيس عبد الناصر, ومع ذلك فقد كانت حركة القوميين العرب بشمال اليمن من أكثر المتضررين بعد خروج القوات المصرية من اليمن, على إثر هزيمة حزيران 1967م, فقد أُقصي الرئيس السلال والعناصر الراديكالية القريبة من حركة القوميين العرب من السلطة, وحل محلهم رموز التيار السياسي المعتدل.
تنامت الميول الماركسية بشكل سريع داخل حركة القوميين العرب في شمال اليمن, وفي يوليو 1968م قطعت علاقتها بشكل كلي مع حركة القوميين العرب "الأم", وتبنت الماركسية وغيرت اسمها إلى "الحزب الديمقراطي الثوري اليمني", وتم تعريفه بأنه "طليعة عمالية تلتزم بالماركسية اللينينية, ويهتدي بها في نضاله, ويعمل بدأب من أجل خلق الحزب الشيوعي اليمني الواحد, وتبنت استراتيجية حرب التحرير الشعبية لإسقاط نظام" الرئيس عبد الرحمن الإرياني وحركة نوفمبر الذي وصفتها بالرجعية.
وعموما فقد سارت التطورات السياسية باتجاه حدوث صدام مسلح بين الحزب الثوري الديمقراطي ـ القوميين العرب سابقا ـ وبين السلطات السياسية الرسمية, فقد تعاظمت قوة هذا الحزب من خلال تشكيله لفرق المقاومة, وسيطر أعضاؤه على وحدات عسكرية حيوية في الجيش (المظلات, الصاعقة, والمدفعية), وبرزت إجراءاته المكشوفة للاستيلاء على السلطة، فقد دفع بأعضائه في الأرياف للتمرد والعصيان المسلح, كما برزت- أثناء حصار صنعاء وبعده- الروابط القوية بين الجبهة القومية الحاكمة في الجنوب وأنصار الحزب الثوري الديمقراطي اليمني, وهو ما أثار مخاوف السلطة السياسية والقيادات الاجتماعية في صنعاء من مخاطر سيطرة اليسار على السلطة في شمال اليمن, كما هو الحال في الجنوب, وخلال "يومين جرت معارك ضارية في مدينة صنعاء بين وحدات وتشكيلات الجمهوريين بمختلف توجهاتهم السياسية أنصار الجناح اليساري الراديكالي وبين العناصر المحافظة والمعتدلة الموالية للعمري" , وقد حسمت المعركة في نهاية الأمر لصالح القوات المسلحة التابعة للقيادة السياسية الرسمية, وتم إلقاء القبض على عدد من قيادات التنظيمات اليسارية, فيما فر آخرون باتجاه الجنوب, وعاد كثيرٌ منهم إلى مناطقهم ليقودوا تمرداً مسلحاً ضد السلطة والزعامات الاجتماعية في شمال اليمن, فيما عُرف بحرب المناطق الوسطى والتي استمرت حتى عام 1983م.
وفي 25 يناير 1971م تمكنت العناصر اليسارية المتطرفة في الجبهة القومية الحاكمة في الجنوب, وبالتعاون مع أجهزة المخابرات الألمانية الشرقية, من إنشاء منظمة المقاومين الثوريين اليمنيين, برئاسة "ناصر السعيد", وضمت المنظمة غلاة الماركسيين الذين انشقوا عن الحزب الديمقراطي الثوري اليمني, لتقوم بالأعمال المسلحة "لإسقاط السلطة في الشمال, واستعادة الأراضي المحتلة من قبل المملكة العربية السعودية, ومقاومة سلطة الإقطاع والبرجوازية " .
كانت هذه المنظمة أول من استخدم العمل المسلح المنظم ضد السلطات المركزية والمحلية في اليمن الشمالي في منطقة (دَمت), وعُرف عنها إسرافها في استخدام الأعمال الإرهابية ضد الأهالي والمواطنين بوجه عام, والعلماء والمشايخ القبليين, ومن يعترض أفكارها من المثقفين بوجه خاص, فقد أقدمت على تسميم آبار الشرب, واغتيال المشايخ والعلماء, وخطف عدد من المواطنين, وزرع الألغام وهدم البيوت والمنازل, وإحراق المحاصيل الزراعية, وبث الشائعات لإرعاب المواطنين, وإجبارهم على التعاون مع أعضائها, وفي مطلع السبعينيات تأسس أيضا حزب العمل اليمني كحزب ماركسي" جديد, وكان فرع من حزب البعث قد انشق وقطع صلته بالقيادة القومية للحزب في سوريا, وتبنى الماركسية, وأطلق على نفسه اسم" حزب الطليعة الشعبية", في خطوات متزامنة مع ما يحدث لفرع الحزب في عدن.
وفي أوائل السبعينيات أيضاً "بدأت بعض العناصر القيادية في التنظيمات اليسارية في حزب البعث, والحزب الديمقراطي الثوري اليمني, وحزب الشعب الديمقراطي, تطرح ضرورة الحوار لمحاولة توحيد القوى اليسارية, وقد بدأ الحوار بين تلك الفصائل عام1970م, واستمر حتى عام 1976م, كان الحوار يستهدف الوصول إلى صيغة ما للعمل الوحدوي, في محاولة للحد من نفوذ القوى التقليدية, ومن خارج فصائل اليسار انضم إلى الحوار حزب البعث العربي الاشتراكي المرتبط بالقيادة القومية بالعراق , كان هذا الحوار يتم بالتوازي مع حوار آخر بين فصائل اليسار في الجنوب, بهدف تشكيل التنظيم السياسي الطليعي, وتقرر إقامة حوار واحد بين مختلف فصائل اليسار في اليمن كله (شماله وجنوبه), فتم في عدن عام 1973م, وضم من الجنوب, الجبهة القومية, وحزب الطليعة الشعبية, واتحاد الشعب الديمقراطي, وضم من الشمال, الحزب الديمقراطي الثوري اليمني, وحزب الطليعة الشعبية, ومنظمة المقاتلين الثوريين اليمنيين, وحزب العمل اليمني, واتحاد الشعب الديمقراطي, إضافة إلى حزب البعث العربي الاشتراكي المرتبط بالقيادة القومية بالعراق , وهذا الأخير لم يستمر طويلا, إذ عاد وانسحب من الجبهة الوطنية, لأنه لم يكن يرى ضرورة لاستخدام العمل المسلح ضد النظام في صنعاء.
وقد أفضى حوار الفصائل في الجنوب إلى تشكيل الجبهة القومية ـ التنظيم السياسي الموحد- في أكتوبر 1975م, كمرحلة انتقالية لقيام الحزب الطليعي الذي تندمج فيه تنظيمات اليسار الثلاثة في الجنوب, وهو ما تم بقيام الحزب الاشتراكي اليمني, في أكتوبر 1978م.
أما في الشمال فقد تواصل حوار تنظيمات الفصائل اليسارية, وكان حصيلته قيام "الجبهة الوطنية الديمقراطية" بتاريخ 11 فبراير 1976م, لتشكل غطاءاً سياسياً للتحالف الجبهوي بين تلك الفصائل, وإطاراً مفتوحاً لاستيعاب الأفراد والقوى السياسية الأخرى, فقد انضمت إليها جبهة 13يونيو الناصرية, بعد فشل الانقلاب ضد الرئيس علي عبد الله صالح في 15 أكتوبر 1979م, كما انضم إليها ـ في فترة من الفترات ـ حزب البعث (جناح العراق), وفي كل الأحوال ظل أعضاء التنظيمات اليسارية ـ وخاصة الحزب الديمقراطي الثوري اليمني ـ هم قوة الدفع الأساسية للجبهة .
وبجانب الحفاظ على الجبهة الوطنية الديمقراطية كإطار عام, دخلت تنظيمات اليسار في شمال اليمن في حوار للانتقال إلى مرحلة متقدمة من العمل المشترك, وهي مرحلة الاندماج والتوحد, وتم الاتفاق على صيغة الاندماج, وأقر كل فصيل في مؤتمر عام تلك الصيغة, وعقد المؤتمر الموحد لكل فصائل اليسار في شمال اليمن في مارس 1979م, وبهذه الطريقة اندمج اليسار في إطار تنظيمي واحد, ووصولا إلى قيام التنظيم الطليعي اليمني الواحد في شطري اليمن تم الدمج بين الفصائل اليسارية الجنوبية المنضوية في إطار الجبهة القومية- التنظيم السياسي الموحد- وبين تنظيمات اليسار الشمالية التي تم توحيدها حديثا في إطار الجبهة الوطنية, لتشكيل كيان واحد لمختلف تيارات اليسار في اليمن, هو الحزب الاشتراكي اليمني الموحد.
وهكذا فقد أفضت التطورات إلى توحد كل تنظيمات اليسار في تنظيم سياسي واحد, يوجه كل قوته للاستيلاء على السلطة في الشمال, ومن ثم يتم توحيد اليمن على أساس من الأيديولوجية الاشتراكية.
ج ـــ غياب الاستقرار السياسي وضعف سلطة الدولة:
ظلت السمة الغالبة على شمال اليمن هي غياب الاستقرار السياسي, وضعف السلطة المركزية للدولة, فقد استمرت الحرب الأهلية بين الجمهوريين والملكيين قرابة سبع سنوات, وما كادت تنتهي حتى اندلع الصراع بين النظام السياسي والتنظيمات اليسارية, التي تبنت استراتيجية إسقاط النظام من خلال ما أطلقت عليه بالحرب الشعبية, حيث تحولت بعض المناطق في وسط وجنوب الجمهورية العربية اليمنية إلى ساحة للقتال بين المتمردين والحملات العسكرية التي كانت ترسلها السلطة في صنعاء, وإلى جانب الصراع السياسي والعسكري مع الشطر الجنوبي, فقد خاض شطرا اليمن حربين شطريتين: الأولى عام 1972, والثانية عام 1979م, واُغتِيل رئيسان للجمهورية العربية اليمنية, في فترة متقاربة, فقد قتل الرئيس إبراهيم الحمدي بتاريخ11/10/1977م, ولم يستمر خليفته الرئيس أحمد الغشمي إلا قرابة ثمانية أشهر فقط, إذ تم اغتياله بتاريخ 24/6/1978م, فضلاً عن الصراعات التقليدية بين القبائل وبعضها البعض, والقبائل والدولة, والنزاع حول السلطة بين الرئيس إبراهيم الحمدي ومشائخ القبائل, والرئيس الغشمي وأنصار الرئيس الحمدي.. وهكذا فقد كان الصراع السياسي سمةً لليمن منذ قيام الثورة, وأخذ مستوى الصراع في الصعود كلما قربنا من عام 1978م, بفعل تنامي قوة التيارات اليسارية, وهو العام الذي تولى فيه الرئيس علي عبد الله صالح السلطة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحركة الإسلامية ونظام صالح .. من التحالف إلى التنافس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحركة الحوثية عن قرب
» نقص الانتباه وفرط الحركة عند الأطفال
» الحركة الحوثية وثائق خطيرة تنشر لاول مرة 2
» ردود فعل غاضبة على إساءات صالح للثوار والثائرات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
https://bahaj.ahlamontada.com :: الاقسام الاساسية :: ..::: المجالس الإخبارية والسياسية :::..-
انتقل الى: