[SIZE="5"]
السلام عليكم
الجزء الأول من الموضوع موجود على الرابط
http://alwarraq0.blogspot.com/2012/07/blog-post_02.html
فكرة أن من يتعلم لغات أجنبية تضعف لغته العربية غير دقيقة، فليس الأمر بهذه الصورة المخيفة ، لأنه أثناء تعلمه للغة أجنبية يحتاج إلى الرجوع للقواميس العربية لمعرفة مقابل تلك الكلمات الأجنبية ، وهكذا يكون درس قاموس العربية ، وبالتالي تجودت لغته العربية أكثر .
وتداول مصطلحات التكنولوجيا بلغة أجنبية لا يكون على حساب مصطلح عربي ، لأنه مصطلح جديد ، أو يكون مصطلحاً معرباً أو قابلاً للتعريب ، أو يكون من الدخيل ، لكنها ليست مشكلة كبيرة مقابل النطق بالعربية الذي سهلته التكنولوجيا من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة..
ولو نظرت إلى الشعر مثلاً ورجعت إلى ما قبل 150 سنة سيكون من النادر أن تجد شاعراً يكتب باللغة الفصحى، لكن في هذا العصر يوجد شعراء كُثُر وكبار مثل أحمد شوقي وحافظ إبراهيم ونزار قباني والسياب ومحمود درويش وغيرهم، ويكتبون بالفصحى ولهم جماهيرية عريضة ، وهذا يعني اقتراب الشعوب العربية من اللغة العربية الفصحى .
وفكرة أن اللغة العربية تتراجع وفي طريقها إلى الانقراض مقابل الإنجليزية فكرة عكسها هو الصحيح ، فلم تنقرض اللغات الهندية رغم سيطرة الإنجليز عليها 4 قرون ..
تعلم اللغات الأجنبية لا يعني إطلاقاً أن اللغة الأم في خطر ، بل يسبب لها تغذية ، والحقيقة أن من يتعلم لغة أخرى هو يتعلم لغتين ، لغته الجديدة ولغته الأم ، لأنه يترجم من و إلى لغته الأم، والكتابة بلغة أجنبية عبارة عن ترجمة مستمرة تعتمد على اللغة الأم.
ونجد أغلب الأوروبيين يعرفون عدة لغات ولم تنقرض لغاتهم الأصلية , واللغة العربية من اللغات الحية في العالم ، وإحدى اللغات المعتمدة في هيئة الأمم المتحدة ، فما هي اللغة من اللغات حتى غير الحية التي قضت عليها اللغة الإنجليزية؟
لا أحد ينسى لغته الأم إلا بعد أجيال كثيرة من المهاجرين الذين يعيشون في أجواء لغة أخرى بالكامل ، حتى نتكلم الإنجليزية في حياتنا ومع أهلنا يجب أن ينتقل كل إنجليز العالم إلينا أو ننتقل نحن إليهم ، وبعد عدة أجيال أيضاً يبدأ التغير.
لا يمسح اللغة إلا الإرادة بدافع ديني وبالتدريج ، مثلما تعرضت له مصر وشمال أفريقيا بعد أن أسلموا ، وهو الذي غيّر لغتهم ، الدافع الديني أكبر من الدافع التكنولوجي في تغيير اللغة، ومن يتنادون بموت اللغة العربية وعجزها وأنها آيلة للفناء غالباً هم ممن يتكلمون عن أمنياتهم كبعض المستشرقين ، أو من يقرأ إحباطاتهم ويصدقها.
اللغة العربية التي يتكلمون عن موتها هي التي تفعل فعلها في اللغات الأفريقية والآسيوية من خلال الدين الإسلامي وتجعلهم يغيّرون أسماءهم إلى أسماء عربية ويتعلمون الخط العربي احتفاءً بالمصحف ، لغة الأردو واللغة الفارسية كلها تكتب بالخط العربي ، وكذلك التركية قبل مرحلة العلمانية في تركيا ، مع أن الشعب التركي لا يزال يتعلم العربية حتى الآن..
هل اللغة التي تغزو لغات أخرى تستحق أن تُسمى لغة ميتة؟؟!، حتى من يتابع الأفلام الهندية , يجدها مليئة بالكلمات العربية , مثل كلمات" لكن , دنيا , مبارك , حكومات... إلخ، مع أنهم غير مسلمين , في الواقع أن اللغة العربية تنافس الإنجليزية في الانتشار ، وأوسع امتداداً من الفرنسية ، بل ومن الإنجليزية إذا اعتبرنا أن اللغة العربية تتعلم للحياة والدين ، أما اللغة الإنجليزية تتعلم للعمل فقط ، ولا أحد يتعلم الانجليزية لكي يتكلم بها مع أهله أو يتعبد بها ، لذلك انتشار العربية أصيل ، ويدخل في اللغات الأم ,أما انتشار الإنجليزية فهو سطحي ولا يدخل ميدان اللغة الأم إلا فيما يتعلق بمصطلحات علمية أو أسماء أدوات وأجهزة..
وإذا كانت الإنجليزية ستغزو اللغة العربية كما يتنادون ، إذن كل لغات العالم في خطر وليس اللغة العربية فقط ، مع أن هذا لا يمكن أن يكون ، أما عن دخول بعض الكلمات فهذه حالة طبيعية من التأثر والتأثير بين اللغات ، وإذا كانت اللغة العربية أخذت كلمات من الإنجليزية ، فاللغة الإنجليزية مليئة بالكلمات ذوات الأصل العربي .
لا يمكن أن تكون اللغة الجديدة مثل اللغة الأم التي يعرف اشتقاقاتها وأساساتها , فمن يتعلم لغة لا يطور شيئاً في هذه اللغة.[/size]