قبل أشهر كتب "للصحوة" المهندس فيصل بن شملان مقالاً لخص فيه ماتعانيه البلاد مقدماً تشخيصاً للداء ووصفاً للدواء ... وهو خير من يمكنه تقديم ذلك.
اليوم رحل بن شملان في ذمة الله تاركاً وراءه بلداً مثقلاً بالهموم والتحديات ، وتاركاً أيضاً تساؤله الأخير الذي اختاره عنوناً لمقاله الأخير " أما آن لليمن أن يرشد" ..
"الصحوة نت" تعيد نشر ماكتبه الراحل بن شملان .. ليكون اليوم ليس "مقالاً" بل "وصية" أخيرة من رجل أحب اليمن وأحبه اليمنييون جميعا.
*
نص المقال
...........................................................
أما آن لليمن أن يرشد؟!! – فيصل بن شملان
في هذه الكلمة القصيرة اليمن كله مدعو لأن يتبصر ويفكر ملياً في مآل مانحن فيه وما نحن عليه قادمون.. حيث لم يعد في قوس الصبر كثير منزع.. ولا في كأس أحلام الرجال كثير فضل.
الوحدة اليمنية تحققت باتفاق بين دولتين وعلى نظام للحكم مختلف عما كان عليه نظام كل منهما وقائم على المواطنة المتساوية والحريات العامة والدستور والقانون ومهما كانت الأسباب والدوافع لكل منهما.. فالشعور العام الغامر في البلاد عموماً في كل المحافظات بدون استثناء كان فرحاً ومرحباً بها.. ولكن هل كان بالإمكان أن تستمر وحدة اندماجية بجيشين مستقل كل منهما عن الآخر؟!.. النظام الحاكم الفعلي رأى أن هذا الإشكال يجب أن يرفع ويزول فكانت حرب 94م.
وفي التاريخ حروب كثيرة أهلية ولكن ما إن تضع الحرب أوزارها حتى يعيد المنتصر للمهزوم كل حقوقه ويستوعبه بكل كوادره المدنية والعسكرية في مؤسساته في مواطنة متساوية الحقوق والواجبات ولكن الحزب الاشتراكي لم ينل إلا الإقصاء والمضايقة والتعقب ومصادرة حتى مقراته.. وانتظر الناس ثلاثة عشر عاماً ترسخت فيها قواعد الفساد والإفساد ونهب الأراضي والمال العام وتوجت بتجاهل أحكام الدستور والقانون حتى قال أحد الكتّاب بأن البلد تسير بقرار فردي واحد من الرئيس.
وقد فصلت الصحف والتحليلات المحلية والأجنبية هذه المظالم التي طالت كل فئات المجتمع من تجار وموظفين وعمال وهيئات ومؤسسات صحفية مدنية ومهنية وغيرها من ما لا يزاد عليه.
وأثير سؤال... كيف يحدث هذا مع كل ما يملكه الرئيس من قدرات؟
تجاهُل النظام للدستور والقانون أدى إلى تفاقم ثلاث قضايا كانت تضطرم تحت الرماد مما أصابها من الإهمال.
- القضية الأولى: صعدة.. وتلوح الحرب السادسة بشأنها في الأفق، وليس عندي علم بحقيقة أسباب نشوء الحركة الحوثية ومطالبها.
- القضية الثانية: قضية رفع المظالم عن المحافظات الجنوبية وقد أدى إهمالها إلى تطورها إلى قضية جنوبية وبدت بعض فصائل ومنظمات الحراك الجنوبي منادية بالانفصال واستعادة دولة الجنوب.. فهل يمكن أن تستعاد هذه الدولة بدون استعادة الظروف التي أوجدتها أصلاً.. وإن كنت لا أرى من الانفصال حلاً.. إلا أن يدفع الناس إلى محاولته دفعاً.
- القضية الثالثة: الفقر وتدني كل الخدمات خصوصاً التعليمية.. العلمية.. التنموية.. بسبب الفساد المالي وسوء الإدارة.
النظام في شخص الرئيس علي عبدالله صالح حذرناه من حرب لا تبقي ولا تذر.. ولكن إذا كانت هذه قناعة السيد الرئيس أليس من أولى واجباته تلافي هذه الحرب بإزالة أسبابها وعودة النظام إلى حكم الدستور والقانون.. وليبدأ من تنفيذ ما جاء في تقرير باصرة / هلال عن الأراضي وإرجاع عناصر الجيش الجنوبي إلى مواقعهم من الجيش الموحد وإخراج الجهاز الإداري من احتكار المؤتمر الشعبي العام له حتى إذا شعر الناس عموماً والأحزاب والهيئات المدنية والمهنية خصوصاً بجدية النظام دعاهم إلى حوار حول إصلاح كل الأوضاع فإن لم يرد أن يفعل ذلك وهو الذي بيده كل الخيوط ربما ساقتنا الأحداث إلى حل على غير هدى أو ينهض المجتمع المدني بأحزابه وهيئاته إلى حل داخل إطار شكل من أشكال الوحدة يتفق عليه.